بقلم / أ. شادي طلعت .. رسالة من الله حول الموت والحياة

كنت أكره ركوب الطائرات ذلك لأنني أعتبر نفسي في عداد الأموات وقت إقلاع الطائرة و أعتبر وصولها بسلام بعث للحياة من جديد ، إلا أنني ذات مرة و أنا في الطائرة كنت جالسآ بجوار النافذة و تجلس بجواري إحدى زميلاتي في مهنة المحاماة و علمت منها أنها لأول مرة تركب الطائرة فقلت لها ألا تريدين الجلوس بجوار النافذة ، فوجدتها تريد فتركت لها مقعدي و الحقيقة أنني لم أترك لها مقعدي لأنها كانت تريد ذلك و لكن من باب الدعابة كنت أريد أن أرى الخوف في عينيها و هي تنظر من نافذة الطائرة ، إلا أنها لم تخاف ! و لم ترتجف للحظة ! بل كانت تنظر من النافذة و كأنها نافذة بيتها في الطابق الثاني أو الثالث ! و بعد وصول الطائرة صارحتها بما كان في نفسي و أبديت لها تعجبي من عدم خوفها و جرئتها على النظر من النافذة ، فقالت لي و لماذا أخاف ؟ و مما أخاف ؟ و سألتني ما هو أسوأ شئ متوقع حدوثه ؟ فقلت لها سقوط الطائرة أو إنفجارها ثم الموت .. فقالت لي و أنا لا أخشى الموت و بما أني لا أخشى الموت فلن أخشى طريقة الموت سواء كانت في البحر أو الجو أو البر !!!
ردها كان عجيبآ و له أثره في نفسي و ظللت أفكر في كلامها حتى وصلت إلى منزلي و ركبت المصعد حتى أصعد إلى شقتي و سألت نفسي كنت أكره ركوب الطائرات أليس ركوب المصعد أو الأسانسير مثل ركوب الطائرات بل قد يكون أخطر من ركوب الطائرات فقد ينجوا ركاب الطائرة في حال سقوطها و لكن هل ينجو من هم بالمصعد الذي يهوى و يتساقط فجأة ! إن إحتمالات النجاة من سقوط المصعد تكاد تكون معدومة و مع ذلك كنت أركب المصعد في اليوم مرتين أو أكثر ذهابآ و إيابآ إلى شقتي دون أن أضع في حسباني أن المصعد يمكن أن يسقط بي و دون أن أضع في حسباني أن نهاية حياتي قد تكون في مصعد يسقط بي فيقضي على حياتي ، و بدأت أمر بحالة غريبة حالة اللاخوف من الموت و التي على أثرها قد لا تخشى أشياء أخرى كثيرة من مصاعب و مآسي الحياة و التي تنتهي بأكبر مأساة و هي مأساة الموت ! و ظللت فترة طويلة لا أخشى الموت حقآ حتى وصلت إلى مرحلة تمني الموت فعلآ و كنت شغوفآ بتحقيق رغبتي هذه ، و فجأة و بلا أي مقدمات و بعد منتصف الليل في يوم صعب واتتني آلام بالمعدة علمت بعدها أنها كانت نتيجة تسمم قد تعرضت له ! و الواقع أن الألم كان شديد كان يشعرني بأن ألم البطن هو أبشع ما يمكن أن يلاقيه الإنسان من عذاب وقتها تمنيت الموت و لكن بدون هذا العذاب و لكنني توقفت أمام عدة أمور كان علي أن أنجزها أو على الأقل أن أبدأ فيها ! فطلبت من الله أن لا يقبض روحي قبل أن أنجز ما تركته من أعمال إعتمادآ على أن العمر لا زالت به بقية ! و ذهبت في غيبوبة نتيجة شدة الألم ، و وجدت نفسي أستيقظ صباح اليوم التالي و أنا لا أصدق نفسي أن الألم قد زال عني و أنني قد شفيت ! و حمدت الله على أنه مد في عمري و بدأت في التخطيط لإنجاز ما كنت قد أهملته إعتمادآ على طول العمر الذي لم يعد له أمان بعد التسمم الذي تعرضت إليه ، و بدأت في إنجاز ما فاتني من أعمال مخلصآ في عملي أشد الإخلاص و متسرعآ في أدائه طالبآ من الله أن أنهي الأولويات التي ورائي أولآ قبل أن توافيني المنية ، فرائحة الموت كانت تقترب مني بدون سبب كان الحديث عن الموت يأتي أمامي حتى في الأفراح !! و كنت في هذه الفترة أتوقع الموت في أي لحظة ! إلا أن كل شئ و له وقته و كل عمل له بداية و له نهاية و وقت لا يمكن تخطيه مههما حاوالت الإسراع في إنجازه .
المهم أنني ظللت لفترة طويلة أعمل كل شئ بسرعة خوفآ و ترقبآ من قدوم الموت حتى حدثت معي حادثة غريبة داخل غرفة نومي و على فراشي .

فلدي في غرفتي منظر طبيعي كبير معلق على الجدار طوله مترين و عرضه حوالي 180 سنتيمترآ و الخطورة أن هذا المنظر ليس ورقيآ و لكنه مصنوع من سجاد و داخل برواز زجاجي سميك و يشاء الله أن أضع فراشي تحت هذا البرواز الزجاجي و في توقيت معين و أنا مستلقي على فراشي إذ بهذا البرواز الكبير يتكسر فجأة إلى قطع زجاجية أشبه بالسيوف و تنزل فوقي و أنا على فراشي و تخترق الإسفنج من حولي و كأنني عامل سيرك يقف ليتلقى السيوف من حوله دون أن يصيبه أذى و بالفعل لم يصيبني أذى و أنتفضت من على فراشي و أنا أتسائل لماذا إبتعد الزجاج عني ؟! لماذا لم يخترق جسدي ؟! لماذا لم أموت ؟! و لماذا حدث ما حدث و أنكسر الزجاج و أنا على الفراش ؟!
هل هذه رسالة من الله ؟ قد تكون و لكن ما المقصود بها ؟ لا أعلم ..
بعد ذلك أخرجت الزجاج كله أمام باب شقتي و في مرة زارني أحد أصدقئي فوجد زجاجآ كثيرآ شكله كالسيوف يصيب من يراه بالخوف فسألني عن مصدره فقصصت عليه القصة ، فقال لي كان لا بد لك أن تفدي بفدية فأنت كنت ستصبح في عداد الأموات و لكن الله قد أنجاك فعليك صدقة يجب أن تؤديها لفوزك بالحياة مرة أخرى .
قد يكون صديقي محقآ و لكنني قد فهمت ما حدث معي بطريقة أخرى فهمت الرسالة .

فهي " رسالة من الله " يقول لي فيها لا تفكر بالموت سواء بالهروب منه أو بالسعي إليه فهذا أمر ليس من شأنك .